الخميس، 28 فبراير 2008

مع خالد منتصر حول أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن

هذه رسالة أرسلتها للكاتب خالد منتصر بعد قراءتي لمقال له بعنوان الرد على أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن ، يهاجم فيه دعاة الإعجاز العلمي في القرآن :
عزيزي السيد خالد منتصر
بحثك المقدم حول نفي الإعجاز العلمي في القرآن جريء و علمي و رصين و يستحق الاحترام ، و لكن لي رأي أظن أنه جدير بالدراسة في هذا المجال أرغب في مناقشته معك و تدارسه لتعم الفائدة العلمية :
ما ذكرته عن نفسك في رحلة الإيمان و التأثر برجل دين معين في بلدتك و التسليم بما يقوله إيمانا منك بهذا الدين و عجائبه يذكرني بنفسي و ما جرى معي ، و كذلك اكتشافك لأكذوبة الإعجاز العلمي في الكتاب و السنة ، و لكن اكتشافاتي لم تقف عند هذا بل تجاوزت جرأتي جرأتك للقول بأن عدم وجود هذا الإعجاز بل وجود مخالفات واضحة جدا لبديهيات العلم الحديث كبعض ما استشهدت به أنت من احاديث موجودة في صحيح البخاري و الكثير مما اكتشفته بنفسي في القرآن و السنة النبوية جعلني أجنح للقول بأن الإسلام ديننا الحنيف هو من صنع و خيال البشر الواسع و ليس له أي ارتباط مباشر بالله الخالق العظيم الذي لم أنكر وجوده و ليس عندي دليل عليه أيضا .
الدين الإسلامي جاء بمبادئ عظيمة و ثورة اجتماعية على الواقع المتخلف للعرب قبل أربعة عشر قرنا و جعل منهم أمة لها كيان و تاريخ و وجود قوي على ساحة الأحداث التاريخية ، و لكن كل هذا لا يعني أن فيه إعجازا إلهيا و أنه حتما من الله ، فالبوذية و المسيحية فعلت الشيء نفسه و كلاهما نقيضان لبعضهما في العقيدة متشابهان في المبادئ العامة إحداهما لا تهتم للآلهة و هي البوذية و الأخرى تزعم أن الآلهة حلت بنفسها بين البشر لتخلصهم و كان لكليهما أثر كبير في مسيرة أمم كثيرة كما كان الإسلام الذي يقف وسيطا بينهما في المعتقد و يشابههما في المبادئ الأخلاقية العامة ليكون له الأثر المشابه في المجتمع الإنساني .
في رحلتي مع الإيمان بالإسلام التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما أرهقت نفسي بدراسته و التبحر فيه و الدعوة له و الإيمان به أشد الإيمان و جدت أنني أرهقت نفسي و حملت نفسي ما لا تحتمل في سبيل وهم أؤمن به ، وهو ان القرآن كلام الله و أن محمدا رسول الله و أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ....
الآن بعد البحث الطويل لدي آلاف الأدلة التي تدين القرآن و السنة و تنبئ أنهما امتداد لثقافة ذلك العصر و تطوير لها بطريقة بلغت من المعرفة و الذكاء ما يستحق صاحبها أن يكون من أوائل العظماء في التاريخ ، و انا رغم اهتزاز إيماني بحقيقة الرسالة المحمدية إلا أنني ما زلت أكن لصاحبها عظيم الاحترام لفطنته و ذكائه و حكمته .
في جعبتي الكثير من نتائج و أفكار و دلائل تثبت ما وصلت إليه و تحتاج لكتاب خاص لإخراجها او اكثر ولكن هل أجرؤ على نشره بين المسلمين مهما كان صدقي فيه و إخلاصي للحقيقة العلمية و احترامي لشخص النبي ؟ لا شك أنه سيفتى بقتلي على الفور .
لقد وجدت أن كل تعاليم الإسلام ترتبط بثقافة عصر بدايته فالحج و مناسكه كانت جميعها موجودة قبل بعثة النبي و إنما أضاف النبي بعض التعديلات كمنع الأصنام و الطواف عراة و غير ذلك مما وجده يسيء لنقاء العقيدة ، و الصوم و الزكاة و الصلاة كلها كانت موجودة عند أهل الكتاب فأجرى عليها تعديلات معينة ، و قد اعتمد على تصديق الكتب السابقة لأنه كان معجبا جدا بفكرة الرسالة السماوية و ان الله يمكن ان يتصل بواسطة الملائكة بالبشر ، و لذلك لما حصل له ما حصل في غار حراء و هو أمر غير إرادي أخذته زوجه خديجة إلى ورقة بن نوفل النصراني عالم الكتاب ليأخذ منه التأييد و تسمية ما جرى له بأنه وحي و أنه الناموس الذي كان ينزل على المسيح عيسى ، و قد اطمان النبي لهذا التفسير و أعجبه و صار يستدعيه في قرارة نفسه حتى جاءه المرة تلو المرة و لا سيما في الأوقات العصيبة و التي كان يحتاج فيها لشيء يطمئنه ويشد على يده .
لغة القرآن الجزلة و البليغة جدا أعجبت العرب آنذاك لأنهم كانوا متذوقين للتعابير اللغوية و مبدعين فيها ، و أعجبتهم تلك البلاغة الخاصة و التعابير الشفافة الواضحة لهم ، و الرمزية في أحيان اخرى كفواتح السور و بعض الإشارات الكونية ، و كانت شخصية النبي جذابة قوية تحمل صفات الرجولة و الكمال مما أدى لجذب العديد من المؤمنين به من حوله ، ولا ننسى ان العظماء في التاريخ جذب بعضهم الملايين من حولهم بسبب بعض الصفات المميزة التي اعجبت الناس فيهم .
التصورات البدائية للكون في القرآن و موافقاته للأساطير القديمة المتواجدة بكثرة في العهدين القديم والجديد و إضافة المزيد من التفاصيل الأسطورية على قصص الأنبياء الخيالية ككل ما ذكره عن النبي سليمان من تسخيره للجن و الشياطين و الريح و كلامه مع الطير و إحضار احد رجاله لعرش بلقيس بلمح البصر كل هذا لم يذكره العهد القديم عن سليمان بل لم ينص العهد القديم على نبوته بل اكتفى بالقول أنه ملك بني إسرائيل و لم يعطه أي صفة خارقة كما فعل القرآن مع ان الأولى باليهود أن يذكروا هذه الخوارق ليعظموا من شأن ملكهم إذا كانت موجودة أصلا إلا أن سليمان وقبله داود كانا في الحقيقة مجرد ملكين تأسست بهما دولة اسرائيل الأولى في القرن التاسع قبل الميلاد بحسب المعطيات التاريخية في فلسطين ثم انقسمت بعد وفاة سليمان إلى دولتين السامرة في الشمال و اليهودية في الجنوب وبدأ اليهود بكتابة التوراة استنادا إلى حكايات الأقدمين بعد هذا العهد بقرون أي في القرن السادس قبل الميلاد أثناء السبي البابلي كما هو مثبت تاريخيا، و كذلك في الانجيل او العهد الجديد بكافة أقسامه لا تجد ذكرا لكلام المسيح في المهد أو نزول المائدة عليه من السماء مع أن الأناجيل ذكرت العشاء الأخير له مع حواريه حول مائدة لكن لم يذكر أحد أنها من السماء و الأولى بهم أن يذكروها إذا كانت حقيقة فعلا لأنهم جعلوا من المسيح إلها و الأولى ان يستدلوا بهذه الخوارق على ألوهيته لا أن تسقط من كتبهم عمدا او سهوا !!
و كذلك تقول بعض الأناجيل أن آخر كلام المسيح على الصليب كان : إلهي لم تركتني ؟! و هو يعني أنه ليس ابنا لله ولا نبيا و لا إلها بالطبع ، بل هو رجل ظن بربه خيرا و دعا إليه بإخلاص فكانت نهايته مأساوية فقال عبارته تلك ، و لو كان هو يهوذا الأسخريوطي كما يقول القرآن لما قال عبارته تلك و عاتب ربه على تركه له بعد خيانته للمسيح بل كان الأجدر به أن يوضح لصالبيه أنه ليس المسيح لعله ينجو من الموت ، و من الطبيعي أن يقول المسلمون أن الانجيل محرف و أن الذي صلب على الصليب لم يقل هذه العبارة و هذا ليس إلا افتراض لا دليل عليه من قبيل تحسين صورة المسيح و الدفاع عنه على مبدأ القرآن في الدفاع عن الأنبياء و تنزيههم من كل نقص و تقابله الوثائق التي نقلت لنا قصة المسيح و التي سمت نفسها الأناجيل بمعنى البشائر ، و ليس للانجيل الذي يرسمه القرآن في مخيلتنا ككتاب مقدس و كلمة من الله أي وجود تاريخي او مادي ، بل هو مجرد صورة سميت بالانجيل على غرار الانجيل المسيحي المعروف، مثله مثل التوراة الموصوفة في القرآن تماما و التي ليس لها أي وجود مادي في التاريخ أيضا .
امور كثيرة جدا تتضافر مع بعضها البعض لتفسر لي كيف أن القرآن ليس من كلام الله عز و جل الذي يتصف بالمعرفة المطلقة و التحكم بكل ذرة في هذا الكون و الرحيم و العادل و العالم بالغيب و بكل الصفات التي تليق بجلاله كخالق عظيم لهذا الكون الفسيح و كعادل في حكمه على كل شيء .
هذا ما وصلت إليه و اخشى أن يصل إليه عامة الناس في مجتمعنا المتخلف فيقودهم هذا المعتقد إلى الفوضى العارمة لغياب إيمانهم بالعقاب فترتفع نسبة الجريمة ،و يصاب الكثيرون بالاحباط نتيجة ظروفهم القاسية و القهر الذي يعيشون فيه بينما يقوم الدين بتخديرهم ليصبروا على بلائهم ، و غير ذلك من الأمور التي تسقط بسقوط الإيمان .
بحث هذا خلاصته وهو قابل للنقاش و الاعتراض و المداولة و غايتي منه الحقيقة المجردة فقط.

ليست هناك تعليقات: