لدراسة أي ظاهرة كونية فإننا نحتاج إلى :
1 – أدوات البحث
2 _ مواد للدراسة .
و الوحي ظاهرة كونية أخذت مسماها من خلال ما ادعاه أصحابها ممن أسموا أنفسهم رسل الله ، و ليس لدينا من مواد دراسة هذه الظاهرة إلا ما نقله التاريخ لنا من حوادث تتعلق بها ، و ما انتجته هذه الرسالات من قواعد و تشريعات و تصورات لهذا الكون .
و أما أدوات الدراسة في هذا المضمار فهي تقتصر على التحليل العلمي المنطقي المحايد لأي فكرة مسبقة تدعم فكرة الوحي أو تنكره .
ونناقش هنا فكرة الرسالة الإسلامية ، حيث تحتوي على تصورات للكون تخالف المحسوس المعلوم لنا الآن من الوقائع الكونية ، و هو موضح في المقالات الكثيرة التي تدحض فكرة الإعجاز العلمي ، و تبين العديد من الأخطاء العلمية الواردة في القرآن ، و كذلك التشريعات البدائية المتناسبة ربما مع عصر الإسلام الأول ، والتي لا يمكن قبولها في العصر الحاضر ، كقطع يد السارق و جلد ورجم الزاني ، و شراء الإنسان لأخيه الإنسان ، و استرقاقه في الحرب الدينية بحجة إعلاء كلمة الله .
مما سبق ، وجدنا أن الوحي الموصوف ليس كاملا كما كان يدعي عن نفسه و ليس سماويا ، و لكن هل هذا كفيل وحده بإلغاء فكرة الوحي من أساسها ؟ ! .
لا شك أن محمدا لم يكن رجلا عاديا ، و أنه كان يحمل قدرات هائلة على التصور و التنظيم و الإبداع و القيادية، و إلا لما استطاع بمفرده أن يغير وجه التاريخ ، و لا شك أنه كان مطلعا على الكثير من موروثات و ثقافات عصره في رقعته المحدودة في الجزيرة العربية و ما جاورها من بلاد ، تبادلت معها التجارة و الثقافة في آن معا .
هناك أمور هامة لا يمكن إهمالها في دراسة هذه الظاهرة بشكل خاص :
1 – معنى الوحي ، و هو أن يشعر الإنسان بشيء ما يوحى إليه ، ربما بأفكار أو توجيهات، أو أن يرى كائنا ما و يسمعه و يعتقد أنه مصدر الوحي ، فهل هذا موجود فعلا ؟ .
2 _ التاريخ المحمدي الغامض قبل البعثة ، إذ تقفز بنا السيرة النبوية قفزات هائلة في تاريخ محمد الطفولي ، من ولادته و وفاة أمه و إرضاعه ، إلى وفاة جده ثم خروجه مع عمه للتجارة إلى بلوغه الخامسة و العشرين ، و زواجه من خديجة ، ثم بقفزة واحدة إلى الأربعين و بدء الوحي ، لا أحداث هامة قبل هذا، وهل هناك أهم من الوحي الإلهي ؟ ، و تبدأ الأحداث بالتكاثف و ترتفع وتيرتها رويدا رويدا ، ففي السنوات الثلاث الأولى كانت الدعوة سرية يتحدث التاريخ عنها باقتضاب ثم أعلنت و بدأت المواجهة بين محمد و قريش ، و هكذا إلى أن نصل إلى الهجرة النبوية و تتابع الأحداث بوتيرة كبيرة بعد ذلك في خط تصاعدي ، فلا تخلو سنة من عدة أحداث هامة تفرغ المؤرخون المسلمون للحديث عنها باستفاضة ، ليغطوا مسيرة عشر سنوات من حياة النبي على حساب الثلاث و خمسين سنة السابقة له من حياته .
نعود الآن لفكرة الوحي ، هل يمكن أن يشعرالإنسان بشعور الوحي على الصور التي ذكرتها سابقا ؟ ، أم أن محمدا كان كاذبا و مدعيا ؟ .
من وجهة نظري أستبعد كليا ان يكون محمد يكذب وهو يعلم أنه يكذب ، و ذلك لعدة أمور هامة ، و منها ذلك الإندفاع الهائل له في الدفاع عن دعوته و التي لا تخرج إلا من شخص يؤمن بها ، و اندفاعه هذا جعل المحيطين به من الأصدقاء كأبي بكر مثلا و البسطاء كآل ياسر و بلال الحبشي و حتى بعض الأقوياء كعمر بن الخطاب ينساقون وراءه ، و هي ظاهرة طبيعية شهدناها عبر مراحل التاريخ ، كما حدث مثلا مع لينين و ماركس أو مارتن لوثر ، أو المسيح ، فكلهم كانوا أصحاب أفكار و نظريات جديدة آمنوا بها مندفعين و تأثر بهم الكثيرون من الناس من مختلف الطبقات مع الفرق بين أفكارهم بالطبع وخصوصية كل منهم .
و لكن لو لم يكن محمد كاذبا فهل يعني هذا أنه يوحى إليه ؟
الجواب نعم بالتأكيد .
و لكن ما مصدر هذا الوحي ؟
سأشرح الفكرة من خلال عرضي لبعض التجارب ، بعضها من التاريخ و البعض شخصي جرى معي أو من حولي .
من التاريخ أذكر ابن عربي ، و من منا لا يسمع بالشيخ محي الدين بن العربي ، توفي سنة638 للهجرة ، هذا الرجل ظاهرة فريدة تستحق الدراسة بالفعل ، وترتبط ارتباطا وثيقا بفهم حقيقة الوحي الإلهي .
أجريت دراسة على حياة ابن عربي و أفكاره ، فوجدت أنه قد جمع بمقدرته العجيبة سائر أفكار عصره و فلسفاته و العصور السابقة ثم صاغها بأسلوب متميز جدا في مؤلفاته و أشهرها الفتوحات المكية ، و سمى وحيه بالفتوحات الإلهية ، و لم يجرؤ على تسميتها بالوحي لأن النبي محمد كان قد احتكر النبوة و أغلقها من بعده ، و لذا وجد ابن عربي أنه لا سبيل لإنشاء وحي جديد مستقل عن وحي محمد ، فزعم أنه يتصل به و يأخذ منه العلم ، و أن النبي محمد و غيره من الأنبياء كانوا يظهرون له ، و حتى الملائكة ليعلموه من الأسرار الإلهية ما لم يعلمه أحد .
لا أشك بأن ابن عربي كان يمزج الكذب بالحقيقة ، أي أنه كذب على نفسه أولا ، ثم على الناس من بعده ، فحينما يدعي ان ابنته تكلمت في المهد أو أنه تزوج من جنية و أنجبت له فإنه بهذا كذاب بلا شك ن وكذلك حين ادعى أنه دخل الخلوة جاهلا و خرج منها بكل علمه، وستعرفون معنى الخلوة بعد قليل ، في حين أنه كان صادقا في بعض ما كان يظهر له من صور لمحمد و غيره في المنام أو اليقظة و يقوم بالحوار معهم ، لأنه في الحقيقة لم يكن يتحدث إلا مع نفسه .
و لكن كيف لي أن أزعم أنه كان صادقا في هذا ؟ إليكم القصة الواقعية التالية :
كنت في يوم من الأيام من أتباع الطريقة الشاذلية الصوفية ، و كنا نعتقد بشيخنا أنه خليفة رسول الله و الوارث المحمدي ، أي ورث العلم الإلهي و المعرفة الربانية من شيخه عن شيخه عن شيخه إلى النبي ، هكذا يعتقد أصحاب الطرق ، و كنت من أكثر المؤمنين به و الداعين له ، و قد دعمتني الكثير من المنامات و الرؤى في هذا الطريق ، و صار عندي مجموعة كبيرة من التلاميذ و الأتباع يفوقون المئة و لم اتجاوز الثانية و العشرين من عمري ، يتباركون بي كعادة الصوفيين ، يقبلون الأيادي و الأقدام ، ويشربون من فضل الماء الذي أشربه، و يسارعون لخدمتي ، ووصل بهم الاعتقاد إلى أنني من أهل الخطوة و من الأبدال ، كان هذا بسبب اندفاعي و إيماني و نشاطي وقدرتي على الإقناع ، كنت بالطبع أنكر عليهم ذلك و لكنهم كانوا يرون إنكاري من قبيل التواضع ، و كثيرا ما شاهدوا منامات فيها الجنة و أنا آخذ بيدهم إليها ، و النبي محمد نفسه يدلهم على اتباعي ، ويرونني معه في كثير من المواطن و غير ذلك ، و كنت أبث فيهم الاعتقاد بشيخنا لأني كنت مؤمنا به لدرجة كبيرة بسبب إيحاءاته في دروسه بأنه من اهل العلم و العرفان و الكشف و البيان، و التي كنت أصدقها إذ لا يعقل أن يكذب شيخ عالم؟؟؟
ما يهمنا من كل هذا أنه كان يوجد من بين تلامذتي شاب متميز اسمه قاسم، دخل الخلوة الصوفية الشاذلية ، و نموذجها عند شيخنا لمدة48 ساعة ، يطلب من المريد فيها التركيز في الذكر للوصول إلى مرحلة الفناء في الله ثم البقاء فيه ، و محتواها يعتبر من الأسرار التي لا ينبغي البوح بها لأنها من العلم النفيس الذي لا يستحقه أي شخص ، بل ربما إذا حاول أحدنا بدون إذن الشيخ أن يمارسها أن ينجذب ويصبح بلا عقل واعي ، ولكنه لا شك سيكون من أكمل العارفين لأن الحجب سترتفع عنه .
و سأفشي هذه الأسرار باختصار و سأخون شيخي و طريقتي و أنصحكم بعدم ممارستها كي لا تنجذبوا ، و سبب ذكري لها لنتقرب من مفهوم الوحي الذي هو موضوعنا الرئيسي هنا .
الخلوة عند شيخي السابق وهي مختلفة عند غيره و النتيجة واحدة منها جميعا ، على أربع مراحل ، تجري في غرفة مظلمة بضوء خافت لزيادة التركيز :
1 – المرحلة الأولى : يطلب منك أن تذكر الله و أنت مغمض عينيك و يضع أمامك صورة لفظ الجلالة : [ الله] ، و يطلب منك أن تكرر الذكر و تركز على استحضار الصورة في ذهنك ، و عليك أن تكرر و تكرر الله الله مع المد، و تركز على استحضار الصورة حتى تستطيع أن ترى لفظ الجلالة و أنت مغمض عينيك كلما أردت . إذا العملية استحضار ليس إلا .
2 – في المرحلة الثانية : يطلب منك و بنفس الذكر أن تستحضر كرة ، تعبر عن السموات و الأرض [ هذا دليل على أن السموات و الأرض كروية عندهم ، وربما قبل اكتشاف العلم لذلك كانوا يستحضرون أرضا منبسطة وسماء على شكل قبة كما وصفها ابن عربي وتخيلها القرآن ] ، و عندما تصبح قادرا على استحضار الكرة علما ان الشيخ يقول لك يمكنك استحضار أي كرة تريد ، كرة قدم ، برتقالة لا فرق ، ثم يطلب منك إفناءها و ذلك بأي طريقة ، تحطيم ، تذويب ، حرق لا فرق ، أنت و مخيلتك ، كما يمكن يطلب الشيخ استحضار كرسي تقع فيه هذه الكرة ، و هو الكرسي المعروف المستوحى من الآية [ وسع كرسيه السموات والأرض] ، و يمكنك أن تتخيله من أي شيء بحسب قدرتك على التخيل ، خيزران ، كنبة ..إلخ .. وستفنيه طبعا ، بالشاكوش أو غيره لا فرق.
3 _ في المرحلة الثالثة يقول لك الآن قد أفنيت السموات و الأرض في نفسك ، و هو العالم المادي، و عليك أن تستحضر طيرا يعبر عن روحك و العالم الروحي، و لا عليك أن تستحضر أي نوع من الطيور ترغب ، حمامة ، ببغاء ، حتى ولو غراب ، أي شيء ، ثم عليك أن تأخذه في الاتجاهات الستة لأنه يتحرك في الفضاء ، إذ لاوجود الان للعالم المادي فقد أفنيته منذ قليل ، و عليك أن تتمكن منه و تتحكم به ، فإنه روحك .
4 _ في المرحلة الأخيرة ، لم يبق في الكون الذي أفنيته جميعه إلا ذلك الطائر ، و هو روحك ، و عليك أن تفنيها الآن ، حتى لا يبقى شيء في الوجود إلا الله ، و سترى النور الإلهي و يفتح الله عليك من فتوحه بحسب قبوله لك .
و الفتح المقصود طبعا هو مخيلتك الواسعة ، إذا وجدت لديك مخيلة أصلا ، و كل ما تراه يعتبر فتحا ربانيا ، و يشاهد البعض النبي محمد أو شيخه أو كليهما و شخصيات أخرى يهيمون بها اعتقادا ، كابن عربي و أحمد الرفاعي و عبد القادر الجيلاني كل بحسب ثقافته و توجهه .
ما يهمنا هو تلميذي قاسم ، الحالة الفريدة من نوعها و التي فسرت لي حقيقة الوحي فيما بعد.
كان قاسم بسببي يعتقد اعتقادا جازما بقدرات الشيخ المعرفية و الربانية وقدرته على الكشف و خوارق العادات ، و لما دخل الخلوة جاءه الفتح من كل جانب من مراحلها الأولى ، وصار كلما كبر داخلا في الصلاة ظهرت له الكعبة في قبلته ، و قد رأى لفظ الجلالة من ذهب ، و الكرة بأجمل تصوير ، و الطير متلون بكل الألوان العجيبة ، وجال في السماء و الأرض ، و شاهد النبي الذي يؤمن به و شيخنا ، وشاهدني معهم أيضا ، كما شاهدني غيره من تلاميذي في خلوتهم أطوف حول الكعبة و أجلس مكان النبي نفسه ، و هكذا خرج الشاب من خلوته إلى عالم مختلف ، فقد انجلت بصيرته كما يقولون ، لكن باتجاه واحد بالتأكيد ، هو كل ما يؤمن به ، وصارت تحدث له المشاهدات العجيبة المتنوعة ، و الغريبة أحيانا ، فذات مرة أراد الدخول للسوق ليشتري غرضا فظهر له رسول الله محمد في الطريق و دله على المكان الذي يجد فيه غرضه فذهب إليه ووجده بحسب الدلالة ، و مرة أخرى أراد أن يستقل تاكسي فظهر له النبي وقال له انتظر قليلا لأن الحافلة العمومية آتية ، فانتظر و صدق رسول الله لأنها جاءت كما قال ، و مقابل هذه المواقف التافهة كانت تحدث معه أمور إيمانية كبيرة ، فيرى مجموعة من مشايخ الطرق الصوفية مثلا يوقظونه على صلاة الفجر ، و على رأسهم مؤسس الطريقة الشاذلية أبو الحسن الشاذلي ، و شخصيات مثل أبي بكر الصديق و عمر و علي و غيرهم ، و ذات مرة كان يمشي في الطريق فنظر إلى السماء فوجدها تنشق وتتنزل منها أسماء الله الحسنى على قلبه ، و يشعر بمشاعر غامرة تكتنف جسده ، و أما ظهور الخضر له فحدث ولا حرج ، كان يظهر لينبئه ببعض الأمور ، أو ليعلمه بصحبته لنا مثلا ذات مرة عندما كنا في رحلة .
كانت تلك الأمور تجري معه بالتأكيد ، ولم يكن كاذبا ، و كنت أقرب الناس إليه ، و يخبرني بكل شيء يجري معه ، ويثق بإرشادي له ، و لكن حدث أمر غير متوقع أفسد عليه كل شيء .
وصل إلى مسامع شيخنا الوارث المحمدي ما يجري مع قاسم بطريقة استفزازية ، حيث كان بعض أتباع الشيخ يحسدون تقدمي على غيري في مجال الدعوة ، و يريدون تثبيط الناس عني و تفريقهم لمجرد الحسد فقط ، لأن وجودهم مع الشيخ كان قد تحول إلى عادة وعلاقات عامة منذ مدة طويلة ،ولم يعجبهم نشاطي وصعود نجمي بسرعة كبيرة ، وكنت قد أخبرت الشيخ عما يجري مع قاسم ، فتوقف عن القول فيه ، و ربما رجح التشكيك بالأمر و نصحنا بأن نقرأ عليه بعض آيات القرآن لعله أصابه مس من الجن ، وتوقفت أنا بالأمر ولم أرتح لنصيحته ، و لما وصل الأمر إليه من ولده المراهق المدفوع من هؤلاء و بطريقة فيها شيء من السخرية ، هاج الشيخ وماج وطالب باجتماع فوري لمنتسبي الطريقة الشباب ، و نسي أني قد أخبرته عن أمر قاسم من قبل ، و قام بمهاجمة شرسة لقاسم على رؤوس الأشهاد ، متهما له بالكذب و الاحتيال ، و طالبه بالرحيل عن المسجد إن استمر بادعاءاته بتلك المشاهدات ، و الحقيقة أن قاسما لم يخبر أحدا غيري ، و أنا الذي سربت الخبر من فرحتي و إيماني به ، وكنا ننسب تلك الأحوال لبركة الشيخ .
ما يهمنا من كل ذلك أن الشاب لم يعد يرى أي شيء ، و أصيب بأزمة نفسية مؤقتة ، و أصبت أنا بالدهشة من موقف الوارث المحمدي الغبي جدا ، و الذي رأى في أحوال الشاب هذا تهديدا لمكانته ، و تيقنت فيما بعد أن الشيخ مدع كغيره من مشايخ الصوفية ، و أنه كان يصدق مكانته و فتحه هو الآخر ، و يرى كل فتح على غيره تهديدا لمكانته ، إذ المشيخة لا تتعدى المنصب الاجتماعي و الديني عبر العصور مهما لبست من ثياب في سائر الأديان .
العبرة في القصة هو إمكانية حدوث الوحي عند أفراد نادرين من البشر ، و إمكانية مشاهدة شخصيات من التاريخ او الحاضر بكيفيات مرغوبة عندهم ، وهذا ما اعتقد أنه جرى مع محمد .
لقد اطلع على فكرة الوحي من اليهودية و المسيحية ، و أعجب بها أشد الإعجاب ، و استحضر الناموس نفسه [أي جبريل] في غار حراء التي كان يتحنث فيها الليالي ذوات العدد ، و كان يتأمل لسنين طوال ، و يقابل شتى أنواع المصادر المعرفية في عصره ، و لا يعقل أن يكون جاهلا بكل شيء ، ثم تنهال عليه المعلومات دفعة واحدة ، و لا سيما أنها معلومات مليئة بالأخطاء و المغالطات المرتبطة بمفاهيم عصره، و لما جاءه الوحي الذي يحلم به و هو جبريل وقال له اقرأ ، فزع و شك في نفسه فما كان له إلا زوجته خديجة التي أخذته إلى ورقة بن نوفل ليؤكد له أنه الناموس الذي نزل على عيسى .
و فتر الوحي و عاد لاستحضاره ، و هكذا تتابعت الأحداث ، و صار الوحي على جاهزية يستدعيه كلما أراده في الجديد من الأمور ، و لا ننسى تعظيمه لمقدار الرؤيا التي يراها جزء من ست وأربعين جزء من النبوة ، و أنها كانت تأتيه مثل فلق الصبح ، أي تتحقق كما يراها ، و الآن نحن نعرف مصدر الأحلام.
كل هذه الأمور كانت تجري معه فصدق نفسه ، و اندفع برسالته بعيدا ، و يمكننا تحليل شخصيته نفسيا من معالم رسالته ، فالقرآن وحي داخلي من موروثه و ثقافته ، و فكرة النسخ التي أتى بها أيضا من فلسفته الداخلية العميقة عندما كان يرى الرجوع عن الأحكام لمصلحة ما تؤيد هذا الموضوع ، وكذلك اجتهاده في العبادة و الدعاء و اللذان لا يعقل أن يقوم بهما بدون إيمانه بنفسه و إلهه .
هكذا أقرأ الوحي القرآني ، و أستبعد أن يكون محمد كاذبا .
فما قولكم ايها الحكماء ؟؟.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق